الإثنين 6 كانون الثاني 2025
النظام السوري الجديد في طَور نفْض المنهج الدراسي بكامله، وبدأ بالفعل بإزالة ما يعدّه مضامين علمانيّة، كما أزال ذمّ الحُكم التركي (وتصويره على أنّه كان استبدادياً وأنّ العرب - وخصوصاً اللّبنانيّين- كانوا في حالة حرب عصابات ضدّه هو من خيال القوميّة العربيّة والشوفينيّة اللّبنانيّة التي أرفدها الأخَوان رحباني بفيلم «سفر برلك»). نبْش التاريخ وإعادة النظر في المسلّمات من ضرورة صناعة الوطنيّة متى يتقرّر ذلك. خُذ وخُذي شهداء 1915-1916 (الشهداء كانوا في ثلاث دفعات، فُرادى وجماعة في قافلتَيْن). هناك إجماع وطني عليهم بخلاف «شهداء» الحرب الأهليّة (بشير الجميّل هو كبير الشهداء عند فريقه وهو شيخ العملاء عند خصومه). شهداء ساحة الشهداء مخلّدون والنظر في سيرتهم من المحرّمات. أذكر مرّة في احتفالات 6 أيّار، أقام التلفزيون اللّبناني برنامجاً خاصاً على الهواء (والبثّ المباشر كان في بداياته). استقبلوا بيروتيّاً مُسِنّاً عايش تلك الحقبة. طفِق يتحدّث بعفويّة شديدة ناكراً صِفة البطولة عن الشهداء وأنّه شاهد بعضهم وقد خارت قواهم فوقعوا على الأرض يستجْدون جلّاديهم. شكيب إرسلان العُروبي كان أوّل مَن شكّك في سيرة هؤلاء، إذ قال إنّه كعُروبي اختلف مع تلك الشخصيّات لارتباط بعضها بالسفارات الغربيّة. سيرة أبي علي سلام (التي نشرها حسّان حلّاق) تتحدّث عن حالة عبد الكريم الخليل: هذا كان يعمل على إشعال ثورة مسلّحة، وقال في زيارة لأبي علي سلام إنّ البريطانيّين وعدوه بالمال والسلاح. حاول أبو علي سلام أن يُثنيه عن عزمه فلم ينجح. (الذي وشى بعبد الكريم الخليل كان كامل الأسعد -الجدّ- الذي أبلغ جمال باشا بالمؤامرة وذكر اسمَي الخليل ورضا الصلح). الخوري يوسف الحايك (كما يروي لحد خاطر) أُدين بدليل تخابره مع فرنسا. وصاحَ على منصّة المشنقة داعياً بنُصرة فرنسا. الأخَوان فيليب وفريد الخازن حُكِما بالموت بعد العثور على أوراق تُدينهما في القنصليّة الفرنسيّة (والتخابر مع دولة عدوّة والتآمر ضدّ الحُكم يؤدّي بعقوبة سجن قاسية حتى الساعة في أميركا). يحتاج تاريخ تلك الحقبة إلى إعادة نظر وهذا لا يعني بالضرورة إدانةً أو تبجيلاً.